مجمع خلقيدونية
#1
مجمع
أفسس الثانى
سنة ٤٤٩
لم تنته بدعة نسطور بالأحكام والقرارات التي أصدرها مجمع أفسس الأول بل ظلت أراؤه عاملاً على بلبلة أفكار كثيرين . وكانت أراؤه الفاسدة ومعتقده الوخيم سبباً للإنشقاق الكبير الذي شطر كنيسة المسيح فى مجمع خلقيدونية .
أنبرى آباء الكنيسة القويمى المعتقد يدافعون عن الإيمان القويم ضد هرطقة نسطور. ومن بين هؤلاء المدافعين المتحمسين رئيس دير فى ضواحى القسطنطينية يدعى أوطاخى أو أوطاخيا" كان معروفاً بعلمه وفضله ونسكه ، ولكن أوطاخي تطرف في التعبير عن عقيدته فسقط فى بدعة شنيعة مؤداها أن طبيعة المسيح الناسوتية تلاشت في طبيعته الإلهية فصار المسيح طبيعة واحدة ممتزجة . وكان لأوطاخي صديق حميم يدعى أوسابيوس أسقف دور بلاوس . هذا ذهب إليه وحاول أن يرجعه عن بدعة الطبيعة الواحدة الممتزجة لكنه هو الأخر وقع في خطأ آخر حينما قال
•
۵۸
Scanned with
CS CamScanner
#3
معظم أعضاء هذه الهيئة هم بعينهم أعضاء المجمع المكاني السابق المطعون فيه ، إلا أنهم بدأوا يتراجعون وأظهروا صورة جديدة للإيمان، لكنها جاءت بعيدة عن الصواب وفى هذه الأثناء رفع أوطاخى مظلمته ثانية إلى الإمبراطور كما بعث برسائل إلى لاون أسقف روما الذي أظهر عطفاً عليه ، كان كل ذلك سبباً في إقتناع الإمبراطور بضرورة عقد مجمع عام فى مدينة أفسس للنظر في هذه المشكلة الجديدة التى تعرضت لها الكنيسة
إنعقاد المجمع
وجه الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير الدعوة لجميع الأساقفة لحضور المجمع ومن هؤلاء البابا الأسكندرى ديسقوروس الذي طلب إليه أن يحضر معه عشرة مطارنة وعشرة أساقفة لتثبيت الإيمان القويم كما أنفذ إليه مرسوماً ملكياً يخوله حق رئاسة المجمع . أما لاون أسقف روما فأرسل نيابة عنه أسقفاً وقساً وشماساً كما حضر المجمع نائباً عن الإمبراطور عقدت الجلسة الأولى للمجمع فى الثامن من أغسطس سنة ٤٤٩ بالكنيسة الكبرى بأفسس وبعد قراءة المراسيم الإمبراطورية لإنعقاد المجمع بدأوا يبحثون فى أمر أوطاخي الذي استدعى فمثل أمام
.
7.
Scanned with
CS CamScanner
#4
المجمع ، ولما طلب أباء المجمع منه أن يوضح عقيدته قدمها مكتوبة كما قالها شفوياً ، فلم يجد الآباء أنه حاد عن الإيمان السليم وبعد أن استمع الآباء لبعض رسائل القديس كيرلس في شرح سر التجسد الإلهى بدأوا يراجعون أعمال مجمع فلابيانوس المكاني. ولما أخذ رأى الآباء المجتمعين فى إيمان أوطاخى قرر المجمع أن إيمانه سليم وليس هناك ما يوجب عزله أو حرمه كما قرروا نفس القرار بالنسبة لرهبان ديره وقد كان حكم عليهم في مجمع فلابيانوس المكاني
وخلص المجمع إلى القرار الآتى بخصوص الإيمان : " للمرة الثانية نجدد القول بطبيعة واحدة بعد الإتحاد للكلمة المتجسد بدون إختلاط أو إمتزاج أو أستحالة " . ولما سئل فلابيانوس عن رأيه في قرار المجمع أعلن أنه متمسك بعقيدته التي أعلنها في مجمعه
المكاني وأصر على القول بطبيعتين فى السيد المسيح بعد الإتحاد فبدأ الأساقفة يناقشونه فأصر على رأيه فقرر المجمع حرمه ومعه ستة أساقفة . وبعد أن أنتهى المجمع من أعماله وأصدر قرارته ووقع عليها الجميع بقبولها رفعت إلى الإمبراطور فوافق عليها وأعتمدها فأصدر أمراً بنفى فلابيانوس وأنفض المجمع وعاد
الأساقفة إلى كراسيهم
71
Scanned with
CS CamScanner
#5
مجمع خلقيدونية سنة ٤٥١م
بعد إنقضاض مجمع أفسس الثانى عاد مندوبوا لاون وحملوا إليه قرارات المجمع وضمنها قرار حرم وعزل فلابيانوس أسقف القسطنطينية الذى كان يشاركه رأيه بخصوص طبيعتي السيد المسيح من بعد الإتحاد . ولاشك أن هذه القرارات أغضبت لاون فضلاً عن أن بعض الأساقفة المقطوعين قصدوه واحتجوا أمامه ضد قرارات مجمع أفسس الثاني فوعدهم على مساعدتهم وأرجاعهم إلى كراسيهم
حاول لاون ما أمكنه أن يعقد مجمعاً عاماً في مقر كرسيه تستأنف فيه الأحكام التي أصدرها مجمع أفسس الثاني . كتب إلى الإمبراطور ثيئودوسيوس وحرك فالنتيانوس إمبراطور الغرب وأمه وزوجته فكتبوا هم أيضاً ثلاث رسائل إلى ثيودوسيوس دون جدوى. ولاشك أن هذه المساعى تكشف عن نفسية لاون الذي طار لبه وأكل الحسد قلبه للمكانة الرفيعة التي تبوأها بابوات الأسكندرية حتى في المحافل المسكونية .
البابا ديسقوروس والأسقف لاون :
ترامت إلى أسماع البابا ديسقوروس موقف لاون من قرارات
٦٢
Scanned with
CS CamScanner
#6
مجمع
.
أفسس الثانى ورفضه إياها وتمسكه بما جاء بالرسائل التي بعث بها فلابيانوس والتى تظهره بنفس أراء فلابيانوس الذي حرمه المجمع . يضاف إلى ذلك أن لاون أفسح صدره للمبتدعين من أتباع نسطور الذين حكمت عليهم المجامع المسكونية . وإزاء كل ذلك لم يكن في إمكان ديسقوروس أن يقف مكتوف الأيدى إزاء الأخطاء التي تبدد الإيمان . فعقد مجمعاً مكانياً من أساقفته بالأسكندرية وأنتهى إلى إصدار قراره بحرم لاون بعد ما ثبت للمجمع ثبوتاً قاطعاً الأسباب التي توجب هذا الحرم . وفى سنة ٤٥٠م مات الإمبراطور ثينودوسيوس دون أن يخلف نسلاً وأصبح وريث العرش أخته بوليكاريا التي كانت نذرت الرهبنة . لكن تقاليد الدولة لم تكن تسمح بإعتلاء النساء العرش . على أي حال فإنه بموت ثيئودوسيوس فقد البابا ديسقوروس عظيماً في قضية الإيمان . تزوجت بوليكاريا بأحد قادة الجيش ويدعى مركيان فصار هو الإمبراطور للشرق وكان ميالاً لمبادئ نسطور كما كانت بوليكاريا على جانب كبير من الدهاء والغطرسة والكبرياء ..
عنصراً
البابا ديسقوروس وبوليكاريا ومركيان :
كان موت ثيئودسیوس فرصة سنحت للاون ليجدد مسعاه في
٦٣
Scanned with
CS CamScanner
#7
موضوع عقد مجمع عام في روما ، وفعلاً بعث نواباً قابلوا مركيان والملكة . لكن الظروف السياسية تدخلت لتمنع هذا الأمر . فكانت سياسة مركيان وبوليكاريا ألا يدعا إمبراطور الغرب يتدخل في شئون الشرق الدينية حتى أن مركيان بإيعاز من زوجته كتب إلى لاون يقول له " إني مستعد لعقد المجمع فى القسطنطينية وإذا كانت مشقة تحول دون حضورك فأنا أقوم مقامك في رئاسة المجمع " . كانت بوليكاريا تميل إلى فلابيانوس وتعاليمه فى الوقت الذي كانت تنظر بعين الخوف إلى بابا الأسكندرية الذي كانوا يسمونه فرعون مصر وما وصل إليه من قوة ونعمة . وكانت ترى في إتساع سلطانه خطراً يهدد بإنفصال مصر عن مملكتها لو سنحت الظروف كانت نتيجة هذه العوامل مجتمعة أن عقد الإمبراطور مركيان مجمعاً في قصره بالقسطنطينية دعا إليه كثير من الأساقفة كان معظمهم من النساطرة كما بعث إلى البابا ديسقوروس برسالة يدعوه فيها إلى حضور هذا المجمع . حضر البابا ديسقوروس ودهش كثيراً لعدد الأساقفة المجتمعين بلا سبب . ولما قيل إن الملك يهدف إلى توضيح الإيمان قال فى جراءة إن الإيمان لهو في غاية الكمال ولا يعوزه شئ من الإيضاح وهو مقرر ومثبت من الآباء أمثال
أثناسيوس وكيرلس وغيرهم .
٦٤
Scanned with
CS CamScanner
#8
حاول البعض أن يستميلوه ليوافق على رسالة لاون طومس
.
لأون" التي تثبت الطبيعتين بعد الإتحاد لكنه قال " إن إعقتاد البيعة ينبغي ألا يزاد عليه أو ينقص منه ، فالمسيح واحد بالطبع والجوهر والعقل والمشيئة كما كرز الأباء . ثم أخذ يشرح لهم المعتقد السليم وخطأ التعليم الجديد الذى يهدفون إلى تثبيته موضحاً كلماته بأمثلة كثيرة منها التشبيه الذى أورده القديس كيرلس الكبير عن إتحاد اللاهوت بالناسوت فى شخص المسيح ، وأنه يشبه إتحاد النار بالحديد فإذا ضرب الحديد بالمطرقة فإن الحديد هو الذي يتأثر ولكن النار لا يلحقها شي وقيل إن أغلب الأساقفة إقتنعوا برأيه لكن الأمر لم يكن مسألة إقتناع بل كانت هناك أسباب خفية تحرك هؤلاء جميعاً للحد من نفوذ ديسقوروس فرفع مركيان الجلسة . وتباحث مع الأساقفة المقطوعين في أمر ديسقوروس وكيفية التغلب عليه. وأخيراً استقر رأيهم على عقد مجمع بعيد عن العاصمة على أن لا يناقشوا ديسقوروس في أمر الإيمان الذى كان الحق واضحاً فيه بل يقتصروا على البحث في أمر الأساقفة المقطوعين ورسالة لاون "طومس لاون" . وهكذا صدرت الأوامر الملكية بعقد مجمع في مدينة خلقيدونية بآسيا الصغرى وتقع مقابل مدينة القسطنطينية
٦٥
Scanned with
CS CamScanner
#9
إنعقاد المجمع
إختلف المؤرخون فى عدد من حضر هذا المجمع من الآباء فمن قائل أنهم كانوا ۳۳۰ أسقفاً ومن قائل أنهم ٦٣٠ أسقفاً ومن الآباء المشهورين الذين حضروا البابا ديسقوروس مع بعض أساقفته ويوبيناليوس أسقف أورشليم ومكسيموس أسقف أنطاكية وأناطوليوس أسقف القسطنطينية . أما لاون أسقف روما فقد أناب
عنه ثلاثة أشخاص "أسقفين وقس" .
حرص مركيان وبوليكاريا على حضور جلسات المجمع ومعهما رهط كبير من حاشيتهما وكثير من الضباط والجنود بملابسهم الرسمية كما حضر القضاه الذين اختيروا لإدارة جلسات المجمع . كان المجمع بالصورة التي أنعقد عليها يظهر المؤامرة الدنيئة التي دبرها في الخفاء أتباع كل من فلابيانوس ولاون
عقدت الجلسة الأولى لهذا المجمع - على أرجح الأراء في الثامن من شهر أكتوبر سنة ٤٥١م في كنيسة القديسة أو فيما بمدينة خلقيدونية . وما كاد الملك مركيان ينتهى من إلقاء الخطاب التقليدي لافتتاح المجمع حتى نهض أحد مندوبى لاون واعترض على
٦٦
Scanned with
CS CamScanner
#10
جلوس البابا ديسقوروس فى مقدمة الآباء بدعوى أنه قد جئ به إلى المجمع ليحاكم لأنه أقدم على عقد مجمع أفسس السابق بدون أذن كرسى روما . وإذ أدرك القضاه أن هذا الإدعاء باطل أفحموه بالإجابة فلاذ بالصمت .
ثم نهض أوسابيوس أسقف دور بلاوس الذي عزله مجمع أفسس الثاني مع فلابيانوس وأدعى أن ديسقوروس حكم عليه وعلى زميله فلابيانوس ظلماً ... وهنا قال البابا ديسقوروس " إن الحق يتضح عند قراءة أعمال المجمع السابق " .. بعد ذلك دخل إلى المجمع تاودريتوس أسقف قورش المقطوع لنسطوريته وطلب الإنضمام إلى أعضاءه بدعوى أنه أعيد إلى كرسيه بأمر لاون أسقف روما . وهنا حدث هرج ومرج لأن فريق لاون وفلابيانوس كانوا أكثريه في المجمع .
ثم إستأنفوا قراءة بقية أعمال مجمع أفسس الثاني فإدعى اسقف أفسس مع بعض أساقفة الشرق بأنهم لم يوافقوا على قرارات المجمع المشار إليه إلا مرغمين تحت ضغط الجنود شاهرى السلاح. وهنا قال لهم أساقفة مصر " إن جندى المسيح لا يرهب القوة التى لا تخيف إلا الجبان . أضرموا النار ونحن نعلمكم كيف
يكون الإستشهاد " .
٦٧
Scanned with
CS CamScanner
#11
وأستأنف القارئ تلاوة أعمال المجمع السابق حتى وصل إلى
ذكر رسالة لاون فسأل القضاه البابا ديسقوروس عن سبب عدم قراءتها فأجاب بأنه أمر مرتين بقراءتها وأيده في ذلك أسقف أورشليم ، وأضاف أنها أرجئت لولا ورود رسالة من الإمبراطور ثيئودوسيوس قرنت أولاً . وبعد ذلك لم تتل رسالة أسقف روما سهوا . ثم بدأ القارئ فى تلاوة إعتراف أوطاخى الذى قدمه لمجمع أفسس الثانى ومصادقة الأساقفة على أورثوذكسيته ، ومن بينهم باسيليوس أسقف سولكيا. غير أن هذا الأسقف وقف وأنكر مصادقته على إعتراف أوطاخي. فتألم البابا ديسقوروس لكذب هذا الأسقف وقال " لست أدرى ما الذي يدعو باسيليوس إلى الإنكار وهو يعلم أنه إنما صادق على تعليم صحيح قدم إلينا" "ثم قال "إذا كان أوطاخي قد جحد العقيدة الصحيحة التي تضمنتها رسالته ونادى بتعليم غريب فهو لا يستحق العقاب فقط بل هو جدير بأن يحرق بالنار".. وبعد أن تراجع وأنكر باسيليوس إيمانه السليم الذي أعلنه في مجمع أفسس الثاني نظر إليه البابا ديسقوروس وقال له من فمك تتبرر و من فمك تدان . لقد أستحييت من الناس فتجاوزت حدود الصلاح وأهنت الإيمان ألا تعلم أنه لا حياء فى الحق ولا رياء في الدين . ولعل الأساقفة المدعين كذبا وزوراً وبهتانا على البابا
٦٨
Scanned with
CS CamScanner
#12
اديسقوروس قد تأثروا من تأنيبه لهم أو ضعفوا أمام حججه فلم وابداً من التسليم فوقفوا فى المجمع وقالوا " أخطأنا ونطلب
يجدوا
الغفران ولما سئلوا ثانية ما الذي دفعهم لهذا التغيير المفاجئ كان جوابهم نفس العبارة السابقة " أخطأنا ونطلب الغفران " . ولما أدرك خصوم ديسقوروس أن الأمر سيفلت من أيديهم قرروا رفع الجلسة على أن تستأنف بعد خمسة أيام .. كانت هذه في الواقع مهلة اليحيكوا فيها مزيداً من المؤامرات .
وفى مخطط المؤامرة هداهم تفكيرهم إلى عقد جلسة سريعة قبل الموعد المحدد لا يحضرها القضاة ولا ديسقوروس وذلك حتى يخلو لهم الجو وبهذا يتمكنوا من إصدار ما يحلو لهم من قرارات وفعلاً عقدت الجلسة الثانية فى اليوم الثالث أي قبل الموعد المحدد بيومين بعد أن وضعوا حراساً على البيت الذي كان نازلاً فيه ديسقوروس كي يمنعوه من الخروج إذا حاول ذلك . أما عن تصرفات الأساقفة المجتمعين الذى يتصرفون عن حقد وحسد فكانت خالية من روح المسيحية إذ أنهم عقدوا جلستهم وأرسلوا لأستدعاء البابا ديسقوروس في الوقت الذي وضعوا حراساً على بيته ليمنعوه من الخروج . ولما جاء رسل المجمع يطلبون حضوره قال لهم إن الحراس يمنعونني من الخروج .. إننى لا أحضر هذا المجمع إلا
79
Scanned with
CS CamScanner
#13
إذا حضره القضاة " .
وأخيراً أصدر الأساقفة المجتمعون حكمهم المغرض على البابا ديسقوروس غيابياً ، وفى غياب أساقفته والقضاة ونواب الملك ويقضى هذا الحكم بإسقاط الأسقفية عنه وعزله من خدمة الكهنوت ثم أرسلوا إليه قرارات المجمع ، فتلاها على مسمع من بعض أساقفته وإذ وجدها مخالفة لتعاليم البيعة المقدسة كتب على هامشها ما يظهر فسادها كما كتب حرماً على كل من يتجاسر على تغيير
العقيدة الأرثوذكسية أو يتلاعب بقوانين المجامع المسكونية وما أن تسلم الخلقيدونيون كتاب أمانتهم حتى طيروا الخبر إلى مركيان الذي تملكه الغيظ وعول على قتل ديسقوروس لولا خشيته مغبة هذه الجريمة فاكتفى بنفيه إلى جزيرة غاغرا بآسيا الصغرى وبقى في منفاه خمس سنين صرفها في هداية الضالين وشفاء المرضى وانتقل إلى عالم المجد سنة ٤٥٧م وهكذا كان مجمع خلقيدونية وما أصدره من قرارات سبباً في إنقسام العالم المسيحى هذا الإنقسام الذى مازال العالم كله يجنى ثماره حتى الآن . تلك الثمار التي زرع بذارها لاون أسقف روما
.
ونماها خلفاؤه . ولا نود أن ننهي هذا الفصل من دراستنا دون أن نشير إلى
Y.
Scanned with
CS CamScanner
#14
شخصية ديسقوروس الذى تدعوه الكنيسة " بطل الأرثوذكسية العظيم " فقد كان شيخاً وقوراً جمع بين الروحانية والعمق الدراسي اللاهوتى والشجاعة المسيحية والرغبة فى التضحية حتى بالنفس من أجل الإيمان ، حدث أثناء حضوره فى المجمع الذي انعقد في القصر الإمبراطورى بالقسطنطينية والذي دعا إليه الملك مركيان أن أحد الأساقفة الحاضرين أخذ يوجه إلى ديسقوروس الكلام طالباً إليه أن يذعن لرغبة الإمبراطور ولا يخالفه كى يبقى في منصبه . فما كان من البابا ديسقوروس إلا أن قال له " إن القيصر لا يلزمه البحث في هذه الأمور الدقيقة بل ينبغي له أن يشتغل بأمور مملكته وتدبيرها ويدع الكهنة يبحثون عن الإيمان المستقيم فإنهم يعرفون الكتب وخير له أن لا يميل مع الهوى ولا يتبع غير الحق . دهش الجميع من جراءة ديسقوروس . وهنا قالت بوليكاريا " يا ديسقوروس لقد كان في زمان والدتى أفدوكسيا إنسان قوى الرأى مثلك تقصد يوحنا الذهبي الفم وأنت تعلم أنه لم يجنى من جراء مخالفتها خيراً وإني أرى أن حالك سيكون مثله فأجابها ديسقوروس بكل شجاعة . وأنت تعرفين ما جرى لأمك نتيجة إضطهادها لهذا القديس وكيف ابتلاها الله بالمرض الشديد الذى لم تجد له دواء ولا علاجاً حتى مضت إلى قبره وبكت عليه واستغفرت الرب فعوفيت
۷۱
Scanned with
CS CamScanner
#15
وهأنذا بين يديك فافعلى ما تريدين وستربحين ما ربحته أمك ....
كانت نتيجة هذه الكلمات أن تهجمت هذه الشريرة ومدت يدها وصفعته صفعة شديدة اقتلعت ضرسين من أضراسه لشيخوخته وما لبث أن إنهال عليه بعض رجال القصر وأوسعوه ضرباً وإمعاناً في الإستهزاء به نتفوا شعر لحيته .. أما هو فبقى صامتاً محتملاً وهو يقول " من أجلك نمات كل النهار " ثم جمع الأب الضرسين مع شعر لحيته وأرسلها إلى شعبه بالإسكندرية مع رسالة قال فيها " هذه ثمرة جهادى لأجل الإيمان . إعلموا أنه قد نالتني آلام كثيرة في سبيل المحافظة على إيمان آبائى القديسين . أما أنتم الذين بنيتم إيمانكم على صخرة الإيمان القويم فلا تخافوا السيول
والهراطقة ولا الزوابع الكفرية "
۷۲
Scanned with
CS CamScanner
#16
محاضرات في التاريخ الكنسى المجامع الكنسية
لمثلث الرحمات |
نيافة الأنبا يوأنس
ل
Μ
أسقف الغربية
Scanned with
CS CamScanner
An unhandled error has occurred.
Reload
🗙
.png)